سورة الجاثية - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الجاثية)


        


{هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)}
قوله تعالى: {هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ} ابتداء وخبر، أي هذا الذي أنزلت عليك براهين ودلائل ومعالم للناس في الحدود والأحكام. وقرئ: {هذه بصائر} أي هذه الآيات. {هُدىً} أي رشد وطريق يؤدي إلى الجنة لمن أخذ به. {وَرَحْمَةٌ} في الآخرة {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}


{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (21)}
قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ} أي اكتسبوها. والاجتراح: الاكتساب، ومنه الجوارح، وقد تقدم في المائدة. {أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}
قال الكلبي: {الَّذِينَ اجْتَرَحُوا}
عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة. و{كَالَّذِينَ آمَنُوا}
علي وحمزة وعبيدة بن الحارث- رضي الله عنهم- حين برزوا إليهم يوم بدر فقتلوهم.
وقيل: نزلت في قوم من المشركين قالوا: إنهم يعطون في الآخرة خيرا مما يعطاه المؤمن، كما أخبر الرب عنهم في قوله: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى} [فصلت: 50]. وقوله: {أَمْ حَسِبَ}
استفهام معطوف معناه الإنكار. واهل العربية يجوزون ذلك من غير عطف إذا كان متوسطا للخطاب. وقوم يقولون: فيه إضمار، أي والله ولي المتقين أفيعلم المشركون ذلك أم حسبوا أنا نسوي بينهم.
وقيل: هي أم المنقطعة، ومعنى الهمزة فيها إنكار الحسبان. وقراءة العامة {سَواءً} بالرفع على أنه خبر ابتداء مقدم، أي محياهم ومماتهم سواء. والضمير في {مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ}
يعود على الكفار، أي محياهم محيا سوء ومماتهم كذلك. وقرأ حمزة والكسائي والأعمش {سواء} بالنصب، واختاره أبو عبيد قال: معناه نجعلهم سواء. وقرأ الأعمش أيضا وعيسى بن عمر {وَمَماتُهُمْ}
بالنصب، على معنى سواء في محياهم ومماتهم، فلما أسقط الخافض انتصب. ويجوز أن يكون {مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ} بدلا من الهاء والميم في نجعلهم، المعنى: أن نجعل محياهم ومماتهم سواء كمحيا الذين آمنوا ومماتهم. ويجوز أن يكون الضمير في {مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ}
للكفار والمؤمنين جميعا. قال مجاهد: المؤمن يموت مؤمنا ويبعث مؤمنا، والكافر يموت كافرا ويبعث كافرا.
وذكر ابن المبارك أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي الضحا عن مسروق قال قال رجل من أهل مكة: هذا مقام تميم الداري، لقد رأيته ذات ليلة حتى أصبح أو قرب أن يصبح يقرأ آية من كتاب الله ويركع ويسجد ويبكي {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}
الآية كلها.
وقال بشير: بت عند الربيع بن خيثم ذات ليلة فقام يصلي فمر بهذه الآية فمكث ليله حتى أصبح لم يعدها ببكاء شديد.
وقال إبراهيم بن الأشعث: كثيرا ما رأيت الفضيل بن عياض يردد من أول الليل إلى آخره هذه الآية ونظيرها، ثم يقول: ليت شعري! من أي الفريقين أنت؟ وكانت هذه الآية تسمى مبكاة العابدين لأنها محكمة.


{وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (22)}
قوله تعالى: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} أي بالأمر الحق. {وَلِتُجْزى} أي ولكي تجزى. {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ} أي في الآخرة. {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8